٣ ذو القعدة ١٤٤٥ هـ
الديموقراطية في الكويت وضمانات الحكم الرشيد
بقلم الدكتور سعد الفقيه
قرار أمير الكويت حلّ مجلس الأمة وتعطيله لعدة سنوات يبعث مجموعة من الأسئلة لا تخص الحالة الراهنة في الكويت فقط بل تشمل كل ما له علاقة بنظام الحكم ومتى يكون حكما رشيدا أو غير رشيد.
هل كان القرار مفاجئا؟
يعتقد البعض أن القرار ناتج عن لحظة تهور من قبل الأمير بعد تعرضه لبعض التحديات أو بسبب ضغوط خليجية ومن ثم يعتبرونه مفاجئاً. وربما يكون هذا التفسير مرتبطاً بتوقيت القرار لكن السبب الحقيقي ليس له علاقة بالتوقيت بل هو مرتبط بالنظام السياسي نفسه الذي يعطي الأمير هذا الحق وسبق أن حل الأمير مجلس الأمة وجمّده لعدة سنوات بخطة قلم أكثر من مرة.
هل النظام السياسي في الكويت ديموقراطي؟
يخوّل النظام السياسي في الكويت الأمير إصدار أي مرسوم وتحويله إلى قانون، ويخوّله عدم التصديق على أي قانون يصدره البرلمان، ويعطيه حق تعيين رئيس الوزراء دون إذن مجلس الأمة، وتعيين كل الوزراء وعزلهم وكذلك تعيينهم أعضاء في مجلس الأمة، كما يخوّله النظام حل المجلس متى ما أراد. وأخطر من هذا كله أن للأمير الحق في تَعطيل مواد في الدستور. فإذا كانت كل هذه الصلاحيات مخولة للأمير فكيف يعتبر النظام ديمقراطياً؟
هل هناك وسائل نظامية لإلغاء قرار الأمير؟
لا توجد وسائل نظامية لإلغاء قرار الأمير، حتى لو كانت مخالفة للدستور، أولا لأنه لم تعد توجد مؤسسة تتظلم لدى المحكمة الدستورية ضد الأمير كونها معطلة وليس لها شخصية اعتبارية أمام القضاء، وثانيا لأن الأمير يستطيع تعطيل أجزاء الدستور التي تحاول فيها أي جهة نقض قرار الأمير.
هل هناك سوابق فيها تعطيل كامل لمجلس الأمة؟
في عام 1976 حل الأمير مجلس الأمة بطريقة مشابهة بعد أن أثيرت قضية النفط بطريقة لم تعجب العائلة الحاكمة، ولم يعد المجلس إلا بعد خمس سنوات خوفا من تداعيات الحرب العراقية الإيرانية. وفي عام 1986 حل الأمير مجلس الأمة بنفس الطريقة و بقي معطّلا لأربع سنوات ثم لم يعد إلا بضغط أمريكي بعد حرب تحرير الكويت. وفي كلا الحالتين كان من الوارد أن يبقى الحكم دون مجلس أمة ولا دستور إلى أمد غير محدد.
هل السعودية والإمارات وراء القرار؟
يؤكد العارفون بأصحاب السلطة في الكويت أن القرار ليس بضغط مباشر من السعودية والإمارات، لكن هناك مساهمة فعالة من الدولتين هيأت للقرار. والدور السعودي الإماراتي كان من خلال ضغوط في الرأي العام سواء في الإعلام أو وسائل التواصل أو من خلال اختراق شخصيات فاعلة في الكويت ساهمت في التهيئة للقرار.
وهذا الدور السعودي غير المباشر له سابقة في حل المجلس عام ١٩٨٦ حيث قام الملك فهد بدعوة أمير الكويت في مخيمه في حفر الباطن وحرص أن يقضي معه عدة أيام من أجل أن يريه سلطته المطلقة وبَذَخه بلا حدود دون وجود من يراجع قراره أو رأيه مهما كان. بمعنى أن الملك فهد أراد له أن يقتنع أن لا يصدّع رأسه بمجلس أمة ودستور وملاحقة للحكومة على قراراتها وفسادها. وفعلا صدر قرار الحل بعد هذه الزيارة بأيام!
ما هي ضمانات التنفيذ الحقيقي والدائم للمُشاركة السياسية والمحاسبة والشفافية.
الإجابة التفصيلية على هذا السؤال سبق أن نشرناها في مقال مطول بعنوان "ضمانات إقامة ودوام الحكم الرشيد".