٢٨ ربيع الآخر ١٤٤٥ هـ
الصهيونية سؤال وجواب
بقلم الدكتور سعد الفقيه
من أين أتى اسم صهيونية؟
اختار الصهاينة الانتساب إلى "جبل صهيون" في القدس، أولا لقيمته اليهودية حيث فيه قبر نبي الله داود كما يزعمون، وثانيا لورود اسم الجبل في سفر أشعيا، وثالثا طلبا لتعاطف الإنجيليين المسيحيين لما يعتقد أنه موقع لأحداث مقدسة كثيرة عندهم مثل العشاء الأخير، وموت مريم العذراء، و"صياح الديك" للقديس بطرس وغيرها من المقدسات المسيحية.
ما هو هدف الصهيونية؟
هدفت الصهيونية منذ نشأتها إلى إنشاء وطن لليهود في فلسطين وذلك بتأمين وتشجيع هجرتهم إليها وتفريغها من أهلها الفلسطينيين ثم تأمين بقاء الدولة وقوتها بدعم القوى الغربية وخاصة القوى المسيحية.
ما هو الخط الزمني للصهيونية؟
١٦٧٦سبتاي زيفي يدعي أنه المخلص المنتظر لليهود ودعا للتجمع في فلسطين ومات قبل أن ينجز شيئا
١٨٣٨محاولة موسى مونتفيوري وروتشيلد إنشاء مستوطنات في يافا والجليل والقدس
١٨٦٢موسى هس ينشر كتابُه"روما والقدس" يفلسف فيه الفائدة من عودة اليهود للأراضي المقدسة
١٨٨٢إنشاء حركة حب صهيون المطالبة بعودة اليهود لأرض الأنبياء بعد المذابح التي تعرضوا لها في روسيا
١٨٨٢ هيكلر الجرماني يحول حركة حب صهيون إلى مشروع في كتابه (إرجاع اليهود إلى فلسطين)
١٩٨٣الموجة الأولى من الهجرة لفلسطين التي نظمها أحباء صهيون والتي انتهت في ١٩٠٣
١٨٩٠ليون بسكر جمعية مساعدة المزارعين اليهود في سوريا وفلسطين وتشجيع الهجرة وإحياء اللغة العبرية
١٨٩١تأسيس جمعية الاستعمار اليهودية في لندن
١٨٩٣ناتان برنباوم: أول من استخدم مصطلح الصهيونية ثم تحول للارثودوكسية وقاوم الصهيونية
١٨٩٦تيودور هرتزل ينشر كتابه "الدولة اليهودية"
١٨٩٧أول مؤتمر صهيوني في بازل سويسرا، وإعلان المنظمة الصهيونية العالمية ورئيسها هرتزل
١٩٠٤وفاة هرتزل واستلام حاييم وايزمان مسؤولية المنظمة الصهيونية العالمية
١٩٠٤الموجة الثانية من الهجرة لفلسطين تحت إشراف المنظمة الصهيونية العالمية والتي انتهت في ١٩١٨
١٩٠٦إنشاء اللجنة اليهودية الأمريكية
١٩٠٩تأسيس تل أبيب كأول مدينة يهودية باسم "أحوزات بايت"ثم تغير الإسلام إلى تل أبيب في ١٩١٠
١٩١٣إنشاء جمعية مناهضة التشهير في أمريكا، وهي خاصة بالدفاع القانوني عن اليهود
١٩١٧٢ نوفمبر: وعد بلفور
١٩١٧٩ نوفمبر: احتلال بريطانيا لفلسطين
١٩١٨إنشاء المؤتمر اليهودي الأمريكي
١٩٢١تأسيس عصابات الهاجانا وتنامي الهجرة لفلسطين وتنامي الهجرة لفلسطين
١٩٤١تنامي الهجرة من البلاد العربية لإسرائيل بعد افتعال اضطهادهم والتي استمرت حتى بداية الخمسينات
١٩٤٥وصول هنري ترومان للسلطة في أمريكا وتحول أمريكا لصالح الصهيونية
١٩٤٨إعلان إنشاء إسرائيل "سموه استقلال اسرائيل
١٩٥٢إنشاء منظمة أيباك "الجمعية الإسرائيلية الأمريكية الشعبية"
١٩٥٦مشاركة اسرائيل في حرب السويس وتحوّلها لقوة إقليمية
١٩٦٧حرب حزيران واستيلاء إسرائيل على القدس والضفة الغربية وغزة وسيناء والجولان
١٩٧٣حرب أكتوبر وبداية التباطؤ في المشروع الصهيوني
١٩٧٥الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتبر الصهيونية شكلا من أشكال العنصرية
١٩٧٨اتفاق كامب ديفيد والتطبيع مع مصر
١٩٨٧انطلاق الانتفاضة وهي أول تحدي حقيقي للمشروع الصهيوني
١٩٩١الجمعية العامة للأمم المتحدة تلغي القرار بعد أن اشترطت اسرائيل ذلك للمشاركة في مؤتمر مدريد
١٩٩١مؤتمر مدريد الذي وطأ لأوسلو
١٩٩٣مؤتمر أوسلو الذي مهد لإنشاء السلطة الفلسطينية
١٩٩٤بداية تنفيذ اتفاق أوسلو وانطلاق السلطة الفلسطينية وتحول فصائل كاملة إلى خدمة الصهيونية
١٩٩٤اتفاق وادي عربة والتطبيع مع الأردن
٢٠٠٧أول انتكاسة كبرى للمشروع الصهيوني باستيلاء حركة "حمـ ـاس" على غزة
ما هي العلاقة بين اليهودية والصهيونية؟
كان الموقف التقليدي لليهود على مر الزمن قبل ظهور الصهيونية هو عدم التجمع في "أرض الميعاد" إلى أن يظهر "المخلص" الذي يجتمعون تحت رايته. وحين بدأت الدعوة للصهيونية كان الغالبية العظمى من اليهود رافضين للمشروع من منطلق ديني كونه يؤخر ظهور المخلص ويعترض على قدر الله أن يبقى اليهود في الشتات.
ولم تتمكن الدعوة للصهيونية من الوقوف على قدميها إلى أن حصلت على دعم الحكومات الأوروبية وخاصة بريطانيا. وبعد أن حظيت الصهيونية بهذا الدعم تمكنت من سحب البساط من الجماعات الدينية اليهودية المعترضة بشكل تدريجي إلى أن أصبحت هي القوة المهيمنة على التجمعات اليهودية في العالم كله.
ومن المفارقة أن معظم أعضاء المؤتمر الصهيوني الأول ملحدون أو علمانيون وليس لهم انتماء لليهودية إلا انتماء عرقي. واستمرت هيمنة العلمانيين اليهود على النشاط الصهيوني داخل إسرائيل وخارجها إلى ما بعد سنة ٢٠٠٠ حين تنامى دور الصهاينة المتدينين. وهذه الفئة الجديدة من الصهاينة المتدينين أكثر تطرفا وأقل دهاء من الصهاينة العلمانيين، ومن خلالهم بدأ الإنشقاق داخل الصف اليهودي في إسرائيل.
من له الدور الأكبر في إنشاء الصهيونية ودعمها؟
الدور الأكبر في إنشاء ودعم الصهيونية في مراحلها الأولى هو للاستعمار الأوربي عموما وبريطانيا خصوصا وذلك لتحقيق هدفين: الأول التخلص من الفائض اليهودي في أوروبا، والثاني تحويل هذه القوة اليهودية إلى جماعة وظيفية تخدم الاستعمار في وجه العرب الذين كانوا أكثر الأمم تمردا على الاستعمار. ومن المفارقات أن معظم الأوروبيين شاركوا في دعم المشروع الصهيوني، بمن فيهم ذوي التوجه العنصري ضد اليهود، وذلك رغبة في التخلص منهم في أوروبا. وقد كشفت وثائق المراسلات بين الحركة الصهيونية و النازية قبل الحرب العالمية الثانية أنها تشتمل على ما يشبه التنسيق في التآمر من أجل تسهيل هجرة اليهود من ألمانيا إلى فلسطين.
أما التأييد الأمريكي للصهيونية فقد بدأ متأخرا ونما بشكل بطيء ولم يتفوق على الدعم الأوروبي إلا بعد تأسيس إسرائيل في ١٩٤٨. وبعد أن استكمل الصهاينة مؤسساتهم المالية والإعلامية والسياسية والاستخباراتية الضخمة في العالم صار دعم إسرائيل بمثابة التزام يقع على كل هذه الدول بطريقة تشبه ابتزاز السياسيين. ووصل نفوذ هذه المؤسسات إلى درجة الإرهاب لأي سياسي يفكر بالخروج عن خط دعم إسرائيل. وفي العقود الأخيرة انضم لدعم المشروع الصهيوني علناً كثير من الأنظمة العربية بدءا بالنظام المصري ثم الأردنيّ ثم بعض دول الخليج والسعودية والمغرب.
هل للجماعات المسيحية دور في دعم الصهيونية؟
الموقف التقليدي بين اليهودية والمسيحية هو العداء، وكان هذا سببا في كثير من الاضطهاد للجماعات اليهودية في التاريخ بعد هيمنة المسيحية الأولى ثم الكاثوليكية والأرثودوكسية. واستمر هذا الحال إلى أن ظهرت البروتستانتية في القرن السادس عشر وتفرع عنها الكالفينية اللتين كان لهما دور في تخفيف حدة العداء لليهود بل وإطلاق فكرة تحقيق وعد الرب بجمعهم في فلسطين من أجل التعجيل بظهور المخلص.
وفي منتصف القرن التاسع عشر ظهرت الطائفة الإنجيلية في بريطانيا وأمريكا التي جعلت عودة اليهود لفلسطين من أهم أركانها. وبينما ضعف النفوذ الديني المسيحي الإنجيلي في أوروبا فقد تنامى بسرعة في أمريكا في القرن العشرين واستحوذ على جزء كبير من المتدينين المسيحيين هناك وأعطى دفعة قوية للمشروع الصهيوني. ولهذا فإن كثيرا من الصهاينة -بالتصنيف الديني- ليسوا يهودا بل مسيحيين متفانين في خدمة المشروع الصهيوني.
ورغم هذا التغير في موقف طوائف كبيرة من المسيحيين تجاه اليهود لم يتمكنوا من تحقيق شيء يذكر من فكرة التجمع في فلسطين إلا بعد تأسيس الحركة الصهيونية على يد هرتزل وتبني القوى الأوروبية الفكرة لأهداف استعمارية. وهذا يعني أن الاستعمار كان أقوى من النفوذ الديني في أوربا وأمريكا.
أين يقع الثقل الصهيوني؟
قد يظن البعض أن الثقل الصهيوني يتمركز في إسرائيل، لكن الحقيقة أن أقوى المؤسسات الصهيونية وأقوى تأثير للصهيونية هو في الولايات المتحدة وأوروبا واستراليا. ومن خلال اللوبي الصهيوني والسيطرة على المال والإعلام والمؤسسات السياسية في تلك الدول فقد تحولت إلى خادمة لإسرائيل بعد أن كان إنشاء إسرائيل في الأصل لخدمة تلك الدول وخاصة أوروبا.
ما هي العلاقة بين الصهيونية والماسونية
تعتبر الصهيونية حركة واضحة المعالم بدور محدد ولها نفوذها الواضح ومؤسساتها ومنظماتها التي تخدم أهدافها في تقوية إسرائيل وتشجيع المزيد من الهجرة لها بشكل صريح. أما الماسونية فهي منظمة غامضة يضيق البعض ميدانها إلى حد حصرها في نوادي ذات تأثير محدود، ويوسعه البعض حتى يجعلها مسيطرة على كل القوى السياسية والمالية والدينية والإعلامية والقضائية في العالم بما في ذلك العالم العربي والإسلامي.
والحقيقة (والله أعلم) أن الماسونية أقرب للمعنى الضيق المحصور في مجموعة نوادي بعضوية معينة. لكن قوتها تأتي من أن بعض المنتمين لهذه النوادي ذوو تأثير عميق في كثير من الدول في العالم. وبما أن الماسونية مخترقة من قبل الصهاينة فسوق تكون من خلال قوة أعضائها تلقائيا في خدمة الصهيونية.
بماذا تتميز الصهيونية؟
أولا: أنها مشروع علماني يريد تطويع اليهودية لخدمة الاستعمار. ولذلك فإن ظهور الصهاينة المتدينين سيكون أحد أسباب انهيار المشروع الصهيوني. كما إنها لا يمكن أن تحصل على الدعم من دول أخرى إلا بهيمنة العلمانية حتى لا تكون تحت رحمة الأديان الأخرى.
ثانيا: أنها مشروع براغماتي واقعي يتقولب بما يناسب الواقع ما دام في خدمة الهدف النهائي، ولهذا جعل الدين في خدمة المستعمر، وتحول بسهولة من الاستقواء ببريطانيَا إلى أمريكا،
ثالثا: أنها انتهازية عديمة القيم، لا تبالي بأي وسيلة لتحقيق أهدافها، فقد كانت سببا في تشجيع الحكومات العربية على اضطهاد اليهود في الأربعينات حتى يجبروا على الهجرة لفلسطين و تآمرت مع النازية لنفس الغرض.
رابعا: لا تنتعش إلا في جو رأسمالي ربوي وذلك بسبب سطوة الصهاينة على القوى المالية في العالم ودور المال في التحكم بالإعلام والسياسة خاصة في الأنظمة الديموقراطية.
ما هو اللوبي الصهيوني؟
التأثير السياسي والاجتماعي باستخدام وسائل شعبية أو إعلامية أو مالية أو غيرها ممارسة قديمة وطبيعية عند البشر. وبعد نشوء الديمقراطيات وتنوع الآليات التي يمكن استخدامها للتأثير على القرار السياسي والرأي العام تحول هذا التأثير إلى عمل منظم يستفيد من كل الفرص في المجتمع المحكوم بأنظمة ديمقراطية. ومع الوقت تحولت التجارب إلى جماعات ضغط محددة سميت باللوبيات في كل الدول الديموقراطية لكنها اشتهرت في أمريكا أكثر لأنها وضعت نظاما محددا لهذه اللوبيات.
واللوبي الصهيوني في أمريكا وأوربا يعمل على ميدانين، الأول منظم معلن وله مؤسسات معلنة والثاني ضمني من خلال سطوتهم في المال والإعلام واختراق مؤسسات صناعة القرار. نموذج المؤسسات المعلنة منظمة أيباك ومنظمة مناهضة التشهير في أمريكا، ومؤتمر اليهود البريطانيين وكثير مثلها في كندا ودول أوربا واستراليا. أما نموذج الثانية فهو الهيمنة الصهيونية على البنوك والمؤسسات المالية والإعلامية والعمل خلف الكواليس في إيصال الصهاينة لمراكز القوى في كل مرافق صناعة القرار.
هل بروتوكولات حكماء صهيون حقيقة؟
الصهيونية حركة حقيقية واضحة الهدف والأساليب نشأت من خلال صراع تاريخي طبيعي وجهد بشري وأخذت وقتا طويلا في النشوء والتوسع واستفادت من الفرص مثل كل الحركات الانتهازية. والإنجازات التي حققتها الصهيونية قابلة للتصور من خلال دعم الاستعمار وهيمنة العلمانية في العالم وضعف المسلمين. وكل ما يذكر من قدرات خارقة أو إمكانات أسطورية والقدرة على تحقيق كل ما يريدون أساطير مرفوضة سببها تقادم جو الضعف والهزيمة والعجز عند العرب والمسلمين.
ومن نماذج الخرافة المرتبطة بالصهيونية كتاب بروتوكولات حكماء صهيون الذي زُعم أنه ملخص خطة الصهاينة للسيطرة على العالم. ولم يكتف من نسب الكتاب للصهاينة بذلك بل ساق سلسلة من الأكاذيب حول حرق المطبعة ومصادرة النسخ وقتل المؤلف الخ. وقد تتبع المحققون الكتاب وعلى رأسهم الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله وبينوا حقيقته وأنه من مؤلفات المخابرات الروسية في نهاية القرن التاسع عشر حين كان العداء لليهود على أشده وذلك في محاولة لتبرير اضطهادهم وأن كل ما فيه عن قتل المؤلف وحرق المطبعة ومصادرة النسخ ليس له أصل.
وعلى غرار كتاب البروتوكولات يندرج كتاب "الدنيا لعبة إسرائيل"، وكتاب "أحجار على رقعة الشطرنج"، وكِتاب "حكومة العالم الخفية"، فهذه الكتب وإن كانت قصتها مختلفة عن البروتوكولات ومؤلفوها معروفون فإنها مبنية على نفس المبدأ وهو سيطرة قوة خفية مرتبطة بالصهيونية والماسونية على العالم.
ما هو مستقبل الصهيونية؟
كانت الصهيونية في بداية انطلاقها غير مرتبطة بوجود إسرائيل بل كانت في صعود قبل نشوء إسرائيل لأكثر من نصف قرن. وبعد إنشاء إسرائيل ازداد النفوذ الصهيوني ووصل ذروته في الستينات والسبعينات الميلادية حتى صار تأييد الصهيونية جزءا من الذوق الغربي فضلا عن الدعم السياسي. لكنه بعد هذا الصعود الهائل لم يعد مستقلا عن وجود إسرائيل بل ارتبط بها ارتباطا بنيويا مصيريا.
ويبدو أن الغرور الذي أصاب الصهاينة أفقدهم الواقعية والتأهب للأسوأ ولذلك لم يستعدوا لهذه الموجة المتصاعدة ضد إسرائيل والمد الصهيوني. و كون إسرائيل في عين العاصفة جعل المشروع الصهيوني كله في خطر ولذلك فإن أي انحسار لقوة إسرائيل هو انحسار للنفوذ الصهيوني. وإذا صح الكلام عن نهاية إسرائيل الذي كثر تداوله من قبل المؤرخين والسياسيين وعلماء الاجتماعي فإنه سيرتبط به تلقائيا نهاية المشروع الصهيوني.