١٦ صفر ١٤٤٥ هـ
الموقف من سب الله والأنبياء والدين على لسان فاجرة متعرّيّة في بلاد الحرمين بحماية النظام الحاكم
بقلم الدكتور سعد الفقيه
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فقبل إعلان الموقف من الحفل الذي نفذته هيئة الترفيه في الرياض وغنت فيه إحدى الفاجرات بألفاظ فيها سب لله والأنبياء والدين، لا بد من توصيف تفصيلي لما حصل وتحديد المسؤوليات:
أولا: ما حدث في الحفل تجاوز الكفر البواح إلى سبّ الذات الإلهية والأنبياء والدين وتحدي المسلمين في عقر دارهم وإهانتهم في دينهم ومعتقداتهم.
ثانيا: صدر هذا السبّ للذات الإلهية والأنبياء والدين على لسان مغنية فاجرة قالت هذا الكلام وهي تتعرّى أمام الجمهور إمعانا في تحدي المسلمين وعقائدهم.
ثالثا: حصل هذا السبّ لله والأنبياء والدين في قلب جزيرة العرب التي ثبت في الحديث أنه لا يجتمع فيها دينان، وتحت نفوذ نفس السلطة التي تحكم الحرمين التي يعظّمها المسلمون.
رابعا: دفعت الحكومة السعودية للمغنّية التي تلفّظت بهذه الكلمات وتعرّت أمام الجمهور الملايين من أموال الأمة حتى تقول مثل هذا الكلام، بمعنى أن الحكومة كافأت هذه الفاجرة على سبّ الذات الإلهية وسبّ الأنبياء والدين بمكافأة ضخمة ومن أموال الأمة، هذا فضلا عن توفير أعلى درجات الاحتفاء والترف لها في السفر والإقامة والحركة.
خامسا: وفرت الحكومة السعودية أقصى إمكانات الحماية والاحتياطات الأمنية من أجل أن تتهيأ الفرصة كاملة لهذه المغنية الفاجرة أن تسب الإله والأنبياء وهي مطمئنة وآمنة.
سادسا: تأكد لدى المطلعين أن كلمات هذه الأغنية -مثل كل الأغاني التي تؤدى على مسارح هيئة الترفيه- قد عُرضت على الديوان الملكي واجازها، بمعنى أن مسؤولية هذه الكلمات يتحمّلها الديوان بشكل مباشر وتحديدا كبيرهم محمد بن سلمان.
سابعا: تأكد لدى المطلعين أن ما يسمى بهيئة كبار العلماء قد تم إخبارهم بما حصل واطلعوا على تفاصيل سبّ الله والأنبياء والدين من قبل فاجرة متعرّية، ولم يصدر منهم أي تعليق.
ثامنا: المسؤول الأول عن ذلك ليس منظّم الحفل ولا رئيس هيئة الترفيه بل هو محمد بن سلمان شخصيا، ودوره ليس السماح بذلك فحسب، بل تبنيه وحمايته وتنفيذ خطة كاملة لتحقيق ما يترتب عليه، وهو تحويل الشعب إلى مسخ لا يعظم أيّاً من مقدسات الدين.
تاسعا: هذا ليس حدثا معزولاً بل تتويجاً لحملة متواصلة لتخريب دين وأخلاق الشعب في بلاد الحرمين بهذه الحفلات الماجنة الكفرية من جهة، وإنهاء كل نشاطات الدعوة والإصلاح من جهة أخرى بسجن المصلحين وإرهاب كل من يدعو للخير.
وبعد هذا التوصيف فهذا هو الموقف من الحاكم والعلماء والشعب وعامة المسلمين:
١) النظام السعودي تجاوز مرحلة الكفر البواح إلى شن الحرب على الإسلام وتحدي المسلمين جميعا في مقدساتهم. وبهذا فإن جريمته أعظم من جرائم سلمان رشدي ورسام كاريكاتير الرسول عليه الصلاة والسلام وحارق القرآن، وعدائه للإسلام لا يماثله إلا عداء فرعون وأبي جهل.
٢) هذا الحدث وتبني النظام له وحماية المغنية ومعاقبة من ينكره أقفل الطريق على من يردد أن الحاكم له شرعية ما دام لم يقترف الكفر البواح، فقد تجاوز الكفر البواح إلى محاربة الدين وعداوة المسلمين على طريقة فرعون وأبي جهل.
٣) أي عالم يرى طاعة هذا الحاكم كولي أمر فإنما يعطي شرعية لحاكم لا يختلف عن فرعون وأبي جهل، وهذه خيانة للدين وتأييد لحاكم يسبّ الله والأنبياء والدين، وشراكة له في الكفر البواح. وإذا لم يعلن من يسمَّون بهيئة كبار العلماء إنكارهم لهذا الحدث واستمر موقفهم في اعتبار الحاكم وليّ أمر تجب طاعته فلا استثناء لهم مما ذكر، وهم داعمون لحاكم يسب الله والأنبياء والدين ويفتون بطاعة حاكم مثل أبي جهل وفرعون.
٤) إذا كان مجرّد السكوت عن إنكار المنكر وقول كلمة الحق وأداء واجب البيان يوجب اللعنة بنص القرآن، فكيف بمن يقف مع الباطل ويعطي أمثال فرعون وأبي جهل ولاية أمر المسلمين ويعتبر طاعته من طاعة الله؟
٥) لا يبريء الذمة أن يعتمد المسلم على عالم خائن أو وجيه منافق أو رمز متخاذل، والمسؤولية تقع على الجميع كلٌّ بما يستطيع. ومع توفر وسائل الإنكار فإن هناك الكثير مما يُستَطَاع، ومن يقصّر في ذلك يتحمل من الإثم بقدر تقصيره.
٦) مسؤولية العلماء من خارج بلاد الحرمين لا تقل عن مسؤوليتهم داخلها، والبيان الذي صدر باسم مجموعة منهم لم يصل للمستوى المطلوب في إبراء الذمة، حيث تحاشى ذكر إسم الدولة واعتبر الحكام عموما ولاة أمر في سياق يفهم منه شرعيتهم وكأنه يحمل المسؤولية لغيرهم. والنظام السعودي في تبنيه سب الله والأنبياء والدين في قلب جزيرة العرب أولى بالحملات من فرنسا والسويد والدنمارك، التي شن هؤلاء العلماء من أجلها حملات متواصلة.
أخيرا فهذا إنذار:
إن مثل هذا التمادي في الفساد والظلم والبطر والجرأة على الذات الإلهية والأنبياء والدين مؤذن بالخراب والدمار واستعجال غضب الله تعالى، ولن يحمي الأمة من ذلك إلا السعي الجاد والعاجل لإزالة هذا الكفر والفساد والظلم والبطر، والمسؤولية على الجميع.