٣٠ رمضان ١٤٤٥ هـ
رسالة عيد الفطر ١٤٤٥
بقلم الدكتور سعد الفقيه
الله اكبر الله اكبر ... لا إله إلا الله .. الله أكبر الله أكبر ... ولله الحمد
ولله الحمد الذي جعل أمة الإسلام خير أمة أخرجت للناس
ولله الحمد الذي جعلها أمة وسطا شاهدة على غيرها من الأمم
ولله الحمد الذي فضلنا بمحمد عليه الصلاة والسلام،
وفضلنا بالقرآن،
وفضلنا برمضان،
وفضلنا بليلة القدر
وفضلنا بمكة والمدينة
وفضلنا بمباركة الأعمال
وفضلنا بمضاعفة الأجر في الطاعات
وفضلنا بالتيسير في المباحات
فله الفضل والمنة
وله الحمد كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه
وله الحمد ملء السماوات والأرض وملء ما بينهما
كل عام وانتم بخير وتقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال والطاعات
وعيدكم مبارك
منظر العدد الهائل للمصلين في الحرمين لعدة أميال خارج الحرم، و منظرهم في المساجد وقد اقفلت الشوارع بسبب كثرة المصلين، منظر باعث للفرح والبهجة لا شك في ذلك، لكنه مثير الغضب والإحباط في نفس الوقت.
باعث للفرح نعم، لأنه رغم كل جهود الطغاة في تجفيف المنابع، فإن التديّن يتنامى بين الناس رغم انف ابن سلمان وابن زايد والسيسي ومن على شاكلتهم.
ومثير للغضب نعم، لأننا لا نرى لهذه الجموع أثرا في مواجهة الطغيان وإزالة الظلم ومحاربة الفساد، بل ولا نلمس لهم أثرا في نصرة المسلمين في فلسطين وفي كل مكان، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل".
والسؤال المهم هنا
من المسؤول عن هذه الغثائية؟
لا شك أن كل مسلم راع ومسؤول عن رعيته لكن المسؤولية الأولى تقع على الرموز والقيادات والرواد أفرادا كانوا أو جماعات.
النخب هي التي ساهمت في تغطية الحقيقة ، وجاملت من لا يجوز مجاملته، وسوّفت في وقت لا يجوز فيه تأخير البيان، وهونت من أمر عظيم وخطب جسيم.
ولا نقصد بالنخب خدم الانظمة من المشايخ والمثقفين والاعلاميين، بل نقصد المحسوبين على المخلصين الصادقين غير المرتبطين بالانظمة ولا منتفعين بها.
نعم هم يتحملون المسؤولية.
جاءت أحداث غزة لتثبت هذه الحقيقة وتكشف المستور وتزيل الغطاء عن حقائق كثيرة.
مرت ستة أشهر توزعت فيها أوسمة الشرف والبطولة.
وكذلك توزعت وصمات العار والخيانة.
الوسام الأول في الشرف والبطولة ناله ذلك الشعب الصامد في غزة الذي بقي رافضا للاحتلال ومؤيدا للمقاومة رغم هذه المعاناة التاريخية.
ونال وسام الشرف كل من هب مع هذا الشعب بنفسه أو بماله أو بقلمه أو حتى بقلبه.
لكن كثيرا آخرين نالوا وصمة العار والخيانة.
أولهم هذه الأنظمة العربية التي مردت على الخيانة وتبوأت موْقع العدو المتربص بالدين والقامع للشعوب.
ونال وصمة العار طابور طويل من علماء الدين المنافقين المؤيدين للسلاطين.
ونال وصمة العار جيش من الإعلاميين والمثقفين المرتزقة الرخيصين.
ونال وصمة العار جموع هائلة من الكلاب العاملين في الأجهزة الأمنية والعسكرية التي تحمي هذه الأنظمة وتقمع الشعوب وهي مستمتعة بقمعها.
ثم نال وصمة العار كل ساهم في قوة هذه الأنظمة وبقائها، ومنع الناس من الخلاص منها.
والآن بعد هذه المعركة الطويلة بان المشهد كاملا بتفاصيله، وانكشفت الحقائق، ولم يعد في الصورة غبش ولا عذر لمن يعتذر.
بعد هذه التجربة لا يمكن أن تبرأ الذمة لكل ناشط وداعية، أو رمز من الرموز، أو جماعة تدعي خدمة الإسلام والمسلمين، إلا أن يشتمل خطابهم على تسمية الأمور بأسمائها ووصف الحقائق بأوصافها.
لا بد في إبراء الذمة من وصف الأنظمة بالعداء للدين والتآمر على الشعوب والوقوف مع الصهاينة، ويجب أن يوبخ من يكتفي بوصف الأنظمة بالتقصير والتأخر في أداء الواجب، لأن هذا الوصف غش وتضليل، وعلى من صدر منه ذلك سابقاً أن يكفر عن خطأه ويعلن بصوت مرتفع أن هذه الأنظمة في ركب الأعداء.
وفي إبراء الذمة لا بد من وصف علماء الدين المؤيدين للأنظمة بالخيانة والنفاق، ورفض أي محاولة للحديث عنهم كـ مجتهدين مخطئين، لأن هذا الوصف تزكية لهم، وتبرئة من تهمة الخيانة والنفاق بينما غرقوا في الخيانة. ومن يبحث لهم عن معاذير إنما يتسبب في ضلال الأمة، ويجب أن يكون هو موقع الشك.
وفي إبراء الذمة لا بد من بذل أقصى جهد في تقبيح صورة المثقفين والإعلاميين المؤيدين للأنظمة الخيانة، ووصفهم بخصال الخسة والنذالة والحقارة ، حتى نصل إلى مرحلة أن من يجاملهم فهو نذل مثلهم.
وفي إبراء الذمة لا بد من وصف من ينتمي للأجهزة الأمنية والعسكرية المدافعة عن هذه الأنظمة بأنهم كلاب السلطة وجلادي الطغاة، وأنهم شركاء في الجريمة شراكة كاملة، حتى نصل إلى إقناع الشعب بنبذ من ينتمي لهذه القوات ومقاطعته واعتباره عَميلا للأعداء.
هذا الخطاب الواضح الصريح الذي يسمي الأمور بمسمياتها يجب أن يكون هو السائد ويجب أن تتوقف المجاملات والليونة المضللة والورع البارد والمساهمة في دوام الغثاء.
والجماعات الإسلامية يجب أن تكون رائدة في هذا الخطاب، وإلا فلم تؤد رسالتها على الوجه المطلوب.
ولو صدقت هذه الجماعات في أداء رسالتها فهي الأقدر أن تنفذ برنامجا كاملا لتحقيق هذا الخطاب حتى يتحول الرأي العام بقوة ضد الأنظمة وضد من يقف مع الأنظمة.
لعل الله أن يوفق هذه النخب الصادقة للصدح بالحق بأعلى الأصوات وأقوى الكلمات وأحد العبارات حتى يتحول هذا الغثاء إلى أمة حية تقترب من وصف"كنتم خير أمة أخرجت للناس"
الله اكبر الله اكبر ... لا اله الا الله ... الله اكبر الله اكبر ... ولله الحمد
نسأل الله التوفيق والسداد
ونسأله النصر والتمكين وقمع الطغاة الظالمين
ونسأله أن يتقبل منا صلاتنا وصيامنا وذكرنا وعبادتنا وأن لا يحل العيد القادم إلا وقد تحققت أمال هذه الأمة
وكل عام وانتم بخير
والسلام عليكم ورحمة الله